الشعر النبطي أو شعر النبط هو الشعر العربي المنظوم باللهجة المحكية في الجزيرة العربية و ما جاورها، خصوصاً بين أبناء البادية أو حواضر منطقة نجد.
الشعر النبطي يراعي الأنماط التقليدية للشعر العربي من حيث الشكل العمودي و الالتزام بقافية واحدة على طول القصيدة، كما يستخدم ذات الأوزان العروضية المستخدمة في الشعر الفصيح أو أوزان أخرى مشتقة منها، و إن كان أصحاب هذا الشعر يعرفون تلك الأوزان بأسماء أخرى. كما تضيف الكثير من القصائد النبطية المتأخرة قيداً إضافياً و هو الالتزام بقافية واحدة للشطر الأول من كل بيت و ليس الشطر الثاني فقط كما في الشعر الفصيح، مثلاً:
يا ونّـةٍ ونّيتـها مـن خـوا الـراس من لاهـبٍ بالكبـد مثـل السعيـرهْ
ونين من رجله غـدت تقـل مقـواس و يونّ تالـي الليـل يشكـي الجبيـرهْ
و على الرغم من كونه منظوماً باللهجة المحكية إلا أنه يكثر في الشعر النبطي الاعتماد على مفردات فصيحة، و يكون ذلك عادة تلبيةً لضرورة الوزن (مثل قول "الذي" و "التي" بدلاً من "اللي")، و أحياناً لدعم المعنى، و الواقع أن الاختلاف الجوهري بينه و بين الشعر الفصيح يكمن في التخلي عن علامات الإعراب في أواخر الكلمات و نطق بعض الحروف، و ليس في التراكيب و الصرف و المفردات التي لا تزال تشابه الفصحى إلى حد كبير (انظر لهجة نجدية).
و على الرغم من طبع عدد من الدواوين النبطية في السعودية و الخليج في القرن الماضي، إلا أن الشعر النبطي في الأساس شعر مسموع وصل أكثره إلينا عن طريق الرواية و الإلقاء بشكل مشابه للشعر العربي في الجاهلية و صدر الإسلام، و لا يزال الاستماع و ليس القراءة هو الطريقة المثلى لتلقّي الشعر النبطي لدى المهتمين به.
الشعر النبطي حتى أوائل القرن العشرين يكاد يكون امتداداً لشعر العرب في الجاهلية و شعر أهل البادية في صدر الإسلام، فيكثر فيه استخدام المقدمات الغزلية التي تؤدي بعد ذلك إلى موضوع القصيدة الرئيسي من فخر أو مدح أو حكمة أو نصح، أو وصف، و بدرجة أقل، الهجاء. و يكون أكثر ما يشابه الشعر القديم حينما يحكي عن مفاخر القبيلة و بطولات فرسانها و وقائعهم.
أما في الوقت الحالي فقد تخلى عن الكثير من المفردات الأكثر صعوبة، محاكياً بذلك التبسيط و التشذيب الذين لحقا باللهجات البدوية و النجدية عموماً، و أصبح أكثر مشابهة للشعر العامي في البلدان العربية الأخرى. و لأنه هو اللون السائد في الأغاني التجارية في منطقة الخليج العربي، فقد أصبح الغزل يشغل القسم الأكبر من الشعر النبطي في الوقت الحالي، و لكن هذا لا يعني أن الشعر النبطي بصورته التقليدية لم يعد له من ينظم به.
الرواية التقليدية بين رواة الشعر النبطي تقول إن أول من قال الشعر النبطي هو الشخصية شبه-الأسطورية أبو زيد الهلالي المفترض وجوده بين القرنين الثاني و الرابع الهجريين (الثامن و العاشر الميلاديين)، و لكن ليس لهذه الرواية سند علمي. أما أول ذكر للشعر باللهجة الدارجة فيأتي من الشاعر العراقي الفصيح صفي الدين الحلي في القرن الرابع عشر و المؤرخ ابن خلدون في القرن الخامس عشر، إلا أنهما لا يذكرانه باسم "الشعر النبطي."
و على الرغم من ارتباط الشعر النبطي عادة بالبادية إلا أن الكثير من أقدم شعراء النبط المعروفين هم من حواضر نجد، و منهم جعيثن اليزيدي من وادي حنيفة الذي عاش في القرن السادس عشر، و جبر بن سيار الخالدي أمير بلدة القصب و ابن أخته رميزان بن غشام التميمي أمير روضة سدير، و هما من أعلام القرن السابع عشر. و قد تركوا قصائد ثمينة ليس فقط من الناحية الأدبية و اللغوية و إنما أيضاً من الناحية التاريخية لذكرها العديد من الأحداث و الوقائع في الفترة التي سبقت ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب و آل سعود في نجد.
ظهر في القرن التالي اثنان من أهم أعلام الشعر النبطي و هما حميدان الشويعر في القصب، و اشتهر بقصائد النصح و الحكمة التي لا زالت دارجة إلى اليوم لتقيدها بالأوزان القصيرة، بالإضافة إلى القصائد السياسية و قصائد الهجاء، و محسن الهزاني في الحريق، الذي اشتهر بالشعر الغزلي و أدخل المحسّنات البديعية في الشعر النبطي.
و من أشهر شعراء النبط الآخرين في تلك الفترة محمد بن لعبون الذي سار على منوال الهزاني، بالإضافة إلى تركي بن حميد شيخ قبيلة عتيبة في القرن التاسع عشر، و راكان بن حثلين شيخ قبيلة العجمان.
استمر الشعر النبطي في القرن العشرين و بدأت محاولات تدوينه أو تسجيله حفظاً لما تبقى منه من الضياع، و ظهر في هذا الفترة شعراء مجددون و آخرون حاولوا الالتزام بنهج الشعراء الأولين في فترة زاد فيها تأثر الشعر النبطي باللهجات الأخرى و تم تبسيطه و فقد كثيراً من جزالته.
لا يزال للشعر النبطي شعبية كبيرة في السعودية و دول الخليج العربي، و توجد عدة مجلات لما يسمى بالشعر الشعبي، كما أقيم في عام 2007 برنامج تلفزيوني للمنافسة بين الشعراء الشباب أطلق عليه شاعر المليون لاقى رواجاً واسعاً في المنطقة.