منتديات المغرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اروع منتدى مغربي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 50
الموقع : marroco92.c.la
نشاط العضو :
.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Left_bar_bleue70 / 10070 / 100.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 27/03/2008

.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Empty
مُساهمةموضوع: .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة   .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة I_icon_minitimeالإثنين مارس 31, 2008 7:56 am

إنها موجة جديدة من الأفلام، تحاول الخروج من المعطف الايراني الضيق، لتفرض نفسها على المهرجانات العالمية، فهل يمكن التغلب على الموانع الكثيرة التي تقف ضد السينما في إيران.
بعد أن أنجز المخرج محسن مخملباف فيلمه الشهير «وقت للحب» عام 1991، وخرق التابوهات التي فرضها الحكم الديني حينما تعاطى مع موضوع ممنوع ومحرّم وهو «ثلاثي» الزوج والزوجة والعشيق، والذي عُدَّ في حينه مقترباً جديداً في السينما الإيرانية. وقد صُوِّر الفيلم في تركيا، وعُرض في مهرجان «الفجر» السينمائي، لكن لم يُسمح بعرضه في الصالات العامة على الرغم من أن الصحافة الإيرانية قد كتبت عنه مقالات مستفيضة. قدّمت رخشان بني اعتماد فيلمها الصاعق آنذاك «امرأتان» حيث تناولت موضوعاً محرّماً ومسكوتاً عنه، ورصدت علاقة امرأتين برجل واحد! وقد نال هذا الفيلم جائزة مهرجان «الفجر» الرئيسة عام 1992، وبعد ست سنوات وضعت رخشان اللمسات الأخيرة على «سيدة أيار» الذي لا يقل شأناً عن فيلمها السابق. ثم جاءت تهمينة ميلاني لتقدّم فيلمها الجرئ «امرأتان» 1998 وتعلن مع أقرانها السينمائيين بشجاعة نادرة إحياء «الموجة الجديدة» ومواصلة رحلتها الإبداعية بمؤازرة عدد غير قليل من المخرجين في الداخل والخارج أمثال ياسمين مالك نصر، ومريم كشافارز، وسبيدة فارسي، وعلي محمد قاسمي، ومحمد شيرواني، وأبو الفضل جليلي، وعلي رفيعي، وسميرة مخملباف وعشرات الأسماء الأخر التي مزّقت «المعطف الضيق» وارتدت ما يناسب روح العصر، وتطلعات الناس المتفتحين. ومن خلال متابعتنا لفاعليات الدورة الخامسة والثلاثين لمهرجان روتردام الدولي لهذا العام ارتأينا أن نتوقف عند ثلاثة أفلام تمثّل تيار السينما الجديدة في إيران.

«كتابة على الأرض»

لا ينتمي فيلم «كتابة على الأرض» للمخرج الإيراني علي محمد قاسمي إلى تيّار الواقعية الاجتماعية التي غالباً ما تقترن بعباس كياروستمي ومحسن مخلمباف. فهذا الفيلم أقل ما يقال عنه أنه تعبيري بامتياز، ليس في أداء البطل «حسين موسلمي» الذي جسّد الدور بإتقانٍ عالٍ، وإنما تعبيري في صوره الفنية، وموسيقاه، وتوجهاته الفكرية والروحية على رغم الخطورة التي تنطوي عليها هذه الأطاريح الدينية التي يصعب تبريرها، وإقناع الآخرين بها.

فلم تشهد السينما الايرانية في العقود الثلاثة الاخيرة كسرا للمألوف وكشفاً للمحجوب، وهتكاً للامُفكَّر فيه، بل إن موضوعة التعصب الديني، والعنف المنبثق عن أسباب ميثولوجية وروحية لم يُكشف عنها النقاب بعد، ولم يتورط بها أحد في المجتمع الذي يحكمه نظام ثيوقراطي لا ينتمي إلى روح العصر في أقل تقدير. وغالباً ما يُتهم المخرجون الليبراليون بممالأة الغرب، أو تقديم صورة مشوّهة عن الحياة النمطية الساكنة في إيران أو في غيرها من البلدان الإسلامية المحافظة.

يحيلنا مخرج الفيلم إلى مكان بدائي بكر، محاط بالغابات العذراء التي لم تمسسها يد الإنسان إلا لماما في إشارة إلى العلاقة البدئية بين الإنسان وخالقه، هذه العلاقة التي لم تنضج على نار هادئة، ولم تثمر أي نوع من أنواع التسامح، والمحبة، والدفء الإنساني الحميم. رجل أشبه ما يكون بالقزم، له عينان جاحظتان، معبّرتان، وامرأة عادية، يسكنان في بيت متواضع يقع عند حافة غابة مكتظة بالأشجار، يرعيان الأغنام، ويعيشان حياة بسيطة متواضعة لا يكدرها صفوها أي شيء. غير أن حياة هذا الرجل تنقلب رأساً على عقب، وتنمو في داخله، على حين فجأة، مخالب الوحش الكاسر، حينما تموت زوجته في أثناء الولادة، ويولد الطفل ميتاً، فيعتقد هذا الرجل أن هناك سبباً سرّياً ومقدسا يكمن في استدعاء هذا الطفل البرئ إلى جوار خالقه كي لا تتدنس روحه النقية الطاهرة بخطايا العالم الأرضي الذي يعيشه الآباء والأجداد غارقين في آثامهم وذنوبهم ولا تنفع معهم الأدعية والضحايا والقرابين والابتهالات والصلوات المتعالية من مختلف أرجاء القرية. لقد أيقن هذا الرجل المعتوه بأن الله قد خوّله مهمة ذبح الأطفال بمنجله البدائي وتقطيعهم إرباً إرباً كي ينقذهم من فخ الخطايا الذي سوف يسقطون فيه تباعاً، لذلك كان ينقّض كل يوم على طفل صغير، ويذبحه من الوريد إلى الوريد، ثم يقطّعه ويخفي أثره، الأمر الذي روّع القرية وأفزعها بحيث دفع الآباء لأن يسجنوا أطفالهم في البيوت آناء الليل وأطراف النهار. ويعتقد هذا المجنون أن مصائر الناس مكتوبة على جباههم، وأن الإنسان مسيّر، وليس مخيّراً، بل إن الأرض والسماء مكتوبتان من قبل الله سبحانه وتعالى. من هنا إذن تنبثق دلالة عنوان الفيلم لتأخذ بُعدها الأسطوري، غير أن هناك سوء فهم، من وجهة نظر هذا المجنون والمصاب بالرهاب الديني، وإذا ما تمعّنا في هذا الفيلم جيداً فسنجد أن مُخرجه يدين الإرهاب الديني بصوت مسموع، ويمقت العنف، والتعصب، ويحذّر من نتائجه الوخيمة التي تفضي حتماً إلى كوارث جمة لا تُحمد عقباها. لا بد من التنويه إلى أن المخرج المبدع علي محمد قاسمي هو كاتب القصة، ومصور الفيلم، ومُنْتِجه ومخرجه في آن معاً، ولهذا فإن كل جزء صغير من الفيلم يتطابق مع رؤية المخرج البصَرية الذي أكثرَ من حركة الكاميرا الدائرية التي ظلت تلّف بسرعة حتى تحتوي كل رقصاته، وأصواته، وتهاليله، وحركاته المجنونة أو المفتعلة، كما تحتوي نواح النسوة، وحزنهّن الأبدي، ونشيجهن الذي كان يتعالى على حافة البحر «بحر قزوين» الذي يذكرنا بالغمر الأول، والغابة العذراء التي تذكرنا ببدء التكوين. ولأن المجرم لا يستطيع أن يضمر جريمته إلى الأبد لأن تجليات هذه الجريمة تظهر في سلوكه، وتنعكس على صفحات وجهه، «ويكاد المريب أن يقول خذوني» فإن التماثيل الثلجية التي يصنعها على هيئة فزّاعات أو أشكال بشرية يجدع رءوسها بذات المنجل البدائي المعقوف، الأمر الذي يلفت انتباه أحد أفراد القرية الذي فقد طفلاً، فيعود هذا الرجل ليخبر القرية كلها بغرابة تصرفات هذا المجنون لتبدأ بعدها رحلة المطاردة حيث يهرب إلى الغابة البعيدة راكضاً، لاهثاً، محموماً، متعهداً لله أن يحرق الزرع والضرع والمنازل، ويبيد الأغنام، ويقتل الأطفال، ويهب نفسه لله سبحانه وتعالى إذا ما استلزم الأمر، وفي لحظة مجنونة يقتل عدداً من الأغنام، ويوقد النار في منزله، ويظل يدور، يدور حتى تحّل روحه في سَوْرة الهلوسة. وحينما يعتريه اليأس من الوصول إلى ضحيته الجديدة يخوض في ماء النهر لكنه لا يجيد السباحة فيغوص شيئاً فشيئاً حتى يتوارى في قاع النهر بينما يظل منجله المعقوف بارزاً فوق سطح الماء وكأنه يتهيأ لحز رقبة أي طفل صغير على مقربة منه تنفيذاً للمشيئة الإلهية التي فبركتها عقليته المريضة، المشلولة. يخلص قاسمي إلى القول بأن الفهم الخاطئ، والساذج للدين، أي دين كان، يمكن أن يفضي إلى هذا السلوك الإرهابي المروع الذي شلّ حياة قرية بكاملها قد تصلح لأن تكون أنموذجاً لبلد كبير.

«نظرة مُحْدقة»

وُلدت الفنانة والمخرجة الإيرانية سبيدة فارسي في طهران عام 1965. وما إن أنهت دراستها الإعدادية حتى شدّت الرحال إلى باريس عام 1984 لأن عقليتها المتفتحة، وروحها الطليقة لم تتحملا البقاء في ظل القيود التي كبلت الناس المتحررين. كما أنها كانت تحلم بدراسة الرياضيات هناك. ولأن باريس تحفّز على ظهور المواهب المكبوتة، فسرعان ما وجدت سبيدة نفسها منغمسة في الفنون البصرية التي كانت تمحضها حباً من نوع خاص مذ كانت في إيران. وفي باريس لم تذهب إلى مدرسة أو معهد للتصوير، فهي شابة مفعمة بالحيوية والنشاط، إذ علّمت نفسها بنفسها فن التصوير الفوتوغرافي قبل أن تتجه كلياً للسينما، وتحترف أكثر من جنس فني، وهي تنحدر من أصول أفغانية وإيرانية مشتركة، ثم إنها هي نفسها قد استقرت في باريس، ونهلت من معرفتها وفنونها الشيء الكثير حتى باتت ذاكرتها مزيجاً من معارف متنوعة شرقية وغربية في آن معاً. وربما يكون الفيلم التسجيلي المعنون بـ «هومي دي سيثنا مخرجاً» الذي أنجزته عام 2000 هو الفيلم الذي رسّخ اسمها في ذاكرة النقاد السينمائيين ومحبي السينما على حد سواء. فقد صوّرت هذا الفيلم في الهند، وهو يتناول حياة مخرج زرادشتي كبير في بومباي. ولأن سبيدة متعددة المواهب فقد جرّبت حظها في التمثيل، وجسّدت دور مريم في فيلمها التسجيلي «رحلة مريم»2002، وقد اعتبره النقاد «فيلماً مؤثراً، وقطعة شاعرية تستكشف طبيعة الذاكرة، والتوق، والفقدان، والأمكنة، والناس».

يحيلنا فيلم «نظرة مُحدقة» إلى البطل الذي عاد إلى طهران لا ليلقي نظرة عابرة أو أخيرة على وجه والده المحتضر، وإنما جاء لتصفية حساباته سواء مع الأسرة أو مع الناس الآخرين من معارفة وأصدقائه أو الذين تربطهم وإياه علاقات غامضة تحتاج إلى تأويل.

وفي هذا الفيلم قدمت لنا المخرجة بطللها أسفنديار وأمثاله وكأن الوطن الأم لم يعد قائماً في أذهانهم منذ مدة طويلة. وأن هذا الغياب الذي استمر لمدة عقدين من الزمان قد أثّر كثيراً على العلاقة بين الأب والإبن، وبالرغم من أن أسفنديار ينتمي إلى الإقليم الكردي في إيران فإن المخرجة لم تتعاطَ مع هذا الموضوع من ناحية سياسية مباشرة، لكنها لم تهملها تماماً. لقد اكتفى البطل بالقول إنه غادر كردستان إيران قبل عشرين عاماً، وها هو قد عاد من جديد لكي يلقي النظرة الأخيرة على والده المحتضر، لكن المتلقي الحصيف لا يخفى عليه البعد السياسي الذي لم تصرح به المخرجة ولا بطلها، وإنما تركا لنا حرية تخيّل علاقة هذا المواطن الذي يزور بلده بعد كل هذه السنوات الطوال، وهو في أعماقه لا يريد هذه الزيارة، لكنه مُجبر عليها. حينما يصل أسفنديار إلى طهران تتكشف له حقائق جديدة إضافة إلى الحسابات القديمة التي يجب أن يصفّيها معهم، ولعل أبرزها مع شخصيتين قريبتين جداً منه الأولى أبوه الذي أحب فروغ، حبيبة ابنه، وقرّر أن يتزوجها في غيابه بالرغم من صغر سنّها. والثانية زوجة أبيه فروغ نفسها الشابة الجميلة التي تكشف الأحداث أن شيئاً مهماً بينهما قد مات إلى الأبد، ولعل موت هذه العلاقة يعزز موت الأب مجازياً، كما أن فقدان البصر هو موت بشكل أو بآخر. إن موت العلاقة القديمة يثبت لنا أنها قد غيّرت حياته بشكل نهائي، وساهمت في دفعه إلى الرحيل عن الوطن، إضافة إلى العوامل والمؤثرات السياسية والاجتماعية التي دفعته للغربة القسرية.

لم يكن باستطاعة أسفنديار أن يتفادى فروغ، فهي حاضرة في كل أرجاء البيت. وهي أمامه أينما رفع بصره، أو أنى يمم وجهه. فثمة شيء كبير من الماضي المخبئ يربطهما معاً، ويشدهما لبعضهما البعض.. إنه الحب الجامح الذي لم تتضح معالمه جيداً من خلال الفيلم لأن المخرجة أرادت أن تفاجئ المشاهد بهذا البركان العاطفي الذي حمل صاحبه على عودة مفاجئة للوطن وغير مأمونة العواقب. فالجروح كبيرة ولا تزال مفتوحة حتى الآن، وهذه القصة لا تريد أن تنطوي أو تلوذ بزوايا النسيان. ولأن المخرجة تفترض في المتلقي أن يكون ذكياً بما فيه الكفاية فإنها تضعه في مواجهة أسفنديار وهو ينظف مسدساً قديماً وجده في العلّية ذات ليلة، ولم يبق لديه متسع من الوقت، وعليه أن يستعمل هذا السلاح، ولكن ضد منْ؟ أيستعمله ضد أولئك الذين أجبروه الرحيل والنفي القسري من كردستان، وبطريقة غير قانونية، أم يستعمله ضد الناس الذين سببوا له هزائمه وخساراته العاطفية التي لا تعوّض؟. قال أسفنديار لصديقه سياماك: «ألا ترى أن الليل يهبط عليّ؟» ثمة إحساس مفجع بأن الحكايات القديمة تحاصره، وأن الذكريات البعيدة تطوّقه من كل حدب وصوب، وأن قطارة العيون لم تعد تسعفه كثيراً، لذلك يسقط أسفانديار فيما يشبه الهستيريا، وعليه أن يصب جام غضبه على رجل يطارده في أزقة ضيقة في حارة مشهورة في طهران، تلك المدينة التي بدأ اسفنديار يتعرف عليها شيئاً فشيئاً. وحينما يذهب أسفنديار إلى موعد غير محدد، لم يكن الشخص الذي كان ينتظره هناك سوى زوجة أبيه فروغ، منتظرة هي الأخرى لحظة المجابهة الحتمية. وكالعادة فقد وصل أسفنديار متأخراً بعض الشيء، فقالت فروغ: «دائماً تأتي متأخراً أيها الرفيق». وفي تلك اللحظة بالذات كان بمقدور أسفنديار أن يسألها سؤالاً واحداً لا غير طالما أرّقه خلال الأعوام العشرين عاماً الماضية». «لم يا فروغ، لماذا؟»، فتجيبه من دون مواربة: «لأنني أحببته». شعر أسفنديار بالإعياء. وكل الذي استطاع أن يفعله هو أنه أغلق عينيه وطفق الليل يهبط عليه عندما بدأ يرى الأشياء على حقيقتها. هكذا انتهت فكرة تصفية الحسابات الشخصية أو العامة قبل أن يفقد بصره ويغرق في ظلام دامس. وإذا كانت هناك ثمة أهداف مقصودة لمخرجة الفيلم تريد أن تضمّنها في هذا الفيلم فلعل أبرزها هو صعوبة الحُكم على الناس أو اتخاذ قرارات سريعة بحقهم، لأن هذه الأحكام قد تكون نسبية وتلحق الضرر بالشخص المعني.

«الرئيس مير قنبر»

قبل أن يضع المخرج الإيراني محمد شيرواني لمساته الأخيرة على فيلمه التسجيلي الطويل «الرئيس مير قنبر» 2005 كان قد أنجز منذ عام 1999 وحتى الآن ثمانية أفلام بينها ستة أفلام قصيرة، وهي «الدائرة» و«المرّشح» و«موافقة» و«هدية تذكارية» و«الكرز المعلّب» و«المدينة الهادئة» وفيلم تجريبي روائي هو «السرّة»، وفيلم فيديو بوب آرت هو «Iranian Conserve». شارك شيرواني على الرغم من حداثة سنّه في سبعين مهرجاناً عالمياً ونال 26 جائزة وطنية، وست جوائز عالمية. أخرج فيلمه التجريبي الأول «الدائرة» الذي رُشح لمهرجان «كان» وفاز بجائزة النقاد التي أنقذته من عقوبة الهروب من الخدمة العسكرية، وفتحت أمامه أبواب الشهرة والذيوع. وقد وصف أستاذ السينما الإيرانية، المخرج عباس كياروستمي، فيلمه بأنه «أفضل فيلم إيراني قصير منذ الثورة الإسلامية».

لا شك في أن فيلم «الرئيس مير قنبر» للمخرج محمد شيرواني ينطوي على سخرية حادة، وتهكّم شديد قد يصل إلى به حد الكوميديا السوداء، ولكن من جانب آخر يمكن تتبع حس الدعابة العالية في الفيلم والتي تنتقد الأوضاع السياسية في البلد تلميحاً، لا تصريحاً. فهذا الفيلم يريد القول بأن منصب رئاسة الجمهورية هو حلم للكثير من الناس البسطاء، فحتى السيد مير قنبر حيدري، الرجل المتقاعد، الذي لم يجتز امتحان الكونكر الذي يؤهله لمواصلة دراسته الجامعية إلا بعد 25 سنة، وهو الآن أكبر طالب في الجامعة، يحلم بأن يتسنّم هذا المنصب، مُعتقداً أنه سيكون الشخص الأنسب الذي يخدم الطبقات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع الإيراني. ولو تمعنّا جيداً في طبيعة هذا الفيلم لوجدنا أنه يمزج بين الصيغتين الروائية والتسجيلية على الرغم من هيمنة الجانب التسجيلي على الروائي، وهو يقترب كثيراً من تيار الواقعية الجديدة الذي يتبناه كياروستمي. وهذا النمط الذي يتبناه شيرواني لا يريد أن يمسك بالحقيقة كلها، بل هو يدعي دائماً أنه يتوق إلى الوصول إلى «الحقيقة الثانية» ولكن من دون أن يهبط إلى مستوى الريبورتاج الصحفي البسيط. فهذا الفيلم كما وصفه بعض النقاد بأنه «فيلم عن الانتخابات، وليس عن السياسة» وهذا التقييم دقيق جداً، لكن روح الفيلم ومناخه الداخلي تنتقد السياسة الإيرانية التي جاءت برجال الدين ووضعهم على سدة السلطة وأبعدت أهل التخصص والشأن السياسي الحقيقيين. ولأن الفيلم، كما أسلفنا، ليس وثائقياً مئة بالمئة، فإنه يعتمد في بنيته الداخلية العميقة على معادل موضوعي شديد الوضوح بين المُرشح مير قنبر ومساعدة سيف الله من جهة، وبين دون كيشوت وتابعه سانشوا بانزا، وكما أن دور التابع مهم، وليس ثانوياً، بل يمكن أن نستشف منه الكثير من الحِكم والمواقف الذكية، فإن سيف الدين، مساعد المرشح مير قنبر، والشاب المعاق يحلم هو الآخر بالوصول إلى السلطة، فالجهود التي يبذلها بحسب اعتقادة لن تذهب أدراج الرياح، لأن سيده قد وعده بتسليمه منصب وزير الصحة في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية. ولكي يمعن شيرواني في تهكمه، وسخريته، ودعابته فإنه يقدّم لنا جملة من المعلومات المدروسة التي تعزز أطاريحه الساخرة، ومن بينها أن مير قنبر قد سبق له أن خاض خمس حملات انتخابية برالمانية من قبل، وثلاث حملات انتخابية رئاسية لكي يصبح رئيساً للبلاد ولكن محاولاته لم تفلح إطلاقاً، وكل الذي حصده هو بضع مئات من أصوات الرعاة والفلاحين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر. إن الحالة الإجتماعية لمير قنبر تكشف عن بساطة هذا الرجل الذي يحلم بتغيير البلاد عبر آرائه وأفكاره التي يعتقد أنها جديدة، ومفيدة للشرائح الاجتماعية البسيطة في إيران. والغريب في الأمر أن هذا الرجل المتواضع يناقش أحياناً قضايا خطيرة من خلال برنامجه الانتخابي الذي يمزج بين الحقائق السياسية الدامغة وإيمانه بالقوى الغيبية. فعندما يتحدث عن أمريكا يفرّق بين شيئين: الإدارة الأمريكية التي يبغضها الإيرانيون، ولكنه لا ينسى التذكير بأن الشعب الإيراني ليست لديه أية مشكلة مع الشعب الأمريكي، على اعتبار أن الشعوب متحابة دائماً، وأن العداء المستحكم قائم بين أنظمة الحكم كما هو حال أمريكا التي تريد أن تهيمن على العالم وترسم خرائطه من جديد على هواها، وبين إيران التي تقاوم النزوع الأمريكي للهمينة أو لرسم خرائط جديدة لمناطق محددة في العالم. ومن بين الدعابات الأخرى التي أثْرت الفيلم: نظام الدعاية التي إستعملها مير قنبر فبدلاً من الكرافانات الضخمة التي تستعمل في الحملات الانتخابية الأمريكية مثلاً كان مير قنبر يستعمل دراجته الهوائية المخلّعة، مكتفياً بمكبّر صوت لم يستعمله إلا لماماً، وعلم الثورة الإيرانية الأحمر الذي يرفرف فوق دراجته التي غالباً ما كان يحملها فوق كتفه إذا ما عبر نهراً، أو تسلق منطقة مرتفعة، بينما يقوم مساعده سيف الدين بتوزيع البرنامج الدعائي المستنسح بواسطة حمار يجر وراءه عربة بدائية قديمة تجوب الطرق الترابية في القرى والأرياف النائية بحيث يندر أن تصادف بيتاً مبنياً بالآجر ومع ذلك فإن مير قنبر يحلم بالفوز والوصول إلى السلطة. وعوداً على بنية المعادل الموضوعي للفيلم فإن المعركة ضد طواحين الهواء ليست هي السبب الرئيس لمقارنة هاتين الشخصيتين بدون كيشوت وسانشو بانزا، وإنما هناك أشياء أكثر سحراً وإدهاشاً في هاتين الشخصيتين ولعل أبرزها براءتهما، وصراحتهما الخارقة للعادة، إضافة إلى حضور شيرواني الدافئ والساخر بحيث جعل من مشاهدة هذا الفيلم متعة حقيقية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almagreb.mam9.com
imad




عدد الرسائل : 3
نشاط العضو :
.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Left_bar_bleue0 / 1000 / 100.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 12/05/2008

.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Empty
مُساهمةموضوع: رد: .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة   .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة I_icon_minitimeالإثنين مايو 12, 2008 4:49 pm

شكرا على الموضوع الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salma198




عدد الرسائل : 60
نشاط العضو :
.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Left_bar_bleue0 / 1000 / 100.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/06/2011

.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة Empty
مُساهمةموضوع: رد: .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة   .السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 30, 2011 12:13 pm

موضوع جميل عن السينما الايرانية و كمان احب اننا نشير ان التجربة الايرانية ممتدة في جميع المجالات مش في السينما بس مبوب المغرب : اعلانات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
.السينما الإيرانية تيار الموجة الجديدة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات المغرب :: المغرب الفن :: السينما العالمية-
انتقل الى: